طباعة الخطبة PDF اضغط هنا
طباعة الخطبة مصغرة اضغط هنا
طباعة الخطبة word اضغط هنا
خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 10 من ذي الحجة 1440هـ الموافق 31/7/2020م
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُها، وكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ:
إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَوَاسِمَ وَأَيَّامًا فِي العَامِ خَصَّهَا بِفَضَائِلَ جَلِيلَةٍ وَمَحَاسِنَ عَظِيمَةٍ، وَمِنْ هَذِهِ المَواسِمِ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَومُ النَّحْرِ وَهُوَ يَوْمُ الأَضْحَى، وَقَدْ قَامَ النَّبيُّ خَطِيبًا فِي النَّاسِ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، مُبَيِّنًا لِلأُمَّةِ قَوَاعِدَ وَأُصُولَ هَذَا الدِّينِ المَتِينِ، الَّذِي أَكْمَلَهُ رَبُّ العَالَمِينَ، وَرَضِيَهُ لَنَا دِينًا وَشَرْعاً وَصِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ [المائدة:3]، وقَالَ : «..فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا].
وَكانَ مِنْ أَعْظَمِ وَأَهَمِّ وَصَايَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ المَشْهُودَةِ وَصِيَّتُهُ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالى، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:» وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ؛ كِتَابَ اللَّهِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ ]. فَفَلاحُ هَذِهِ الأُمَّةِ يَكونُ بالعِنَايَةِ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى عِلْمًا وَعَمَلًا، إِذْ أَنَّ الاِعْتِصَامَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَاتِّخَاذَهُمَا مَصْدَرَ التَّشْرِيعِ وَالعَمَلِ نَجَاةُ هَذِهِ الأُمَّةِ وَعِصْمَةٌ لَهَا، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [ال عمران:103].
وَمن المَواسِمِ أَيْضًا: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ يَومِ النَّحْرِ، وَهِيَ مِنْ أَيَّامِ اللهِ تَعَالَى الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَيَّامَ ذِكْرٍ لَهُ سُبْحَانَهُ وإِكْمَالِ مَنَاسِكِ الحَجِّ: مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَذَبْحِ الأَضَاحِيِّ وَالهَدْيِ، وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَإِظْهَارِ نِعَمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ [البقرة:200]. وقَالَ سُبْحَانَهُ: ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ [البقرة:203]. وَعَنْ نُبَيْشَةَ الهُذَلِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ قالَ: «.. إِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].
أَقُولُ ما تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ فَيَا فَوْزَ المُسْتَغْفِرِينَ.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ - عِبَادَ اللهِ - وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَهِيَ وَصِيَّتُهُ لِلأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، فَمَنِ اتَّقَاهُ وَقَاهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ: ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ [التوبة:119].
أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ:
اعْلَمُوا -رَحِمكمُ اللهُ تَعالى- أَنَّ هَذِهِ الأَيَّامَ المباركاتِ مِنْ نَفَحاتِ اللهِ تَعَالَى الَّتِي يَتَجلَّى بِها عَلى عِبادِهِ، فَهيَ مَوطنٌ للذِّكْرِ وَالدُّعاءِ، فَفِيها فُرْصةٌ للمُسْلمِ كَيْ يُكْثِرَ مِنَ التَّضرُّعِ لِلمولَى تَعالَى بِأَنْ يَسْأَلَهُ الحِفْظَ لَهُ وَلِأَهْلِ بَيتِهِ، وَأَنْ يَدعوَ بِالشِّفَاءِ التَّامِّ وَالعَاجِلِ، وَأنْ يُجنِّبَهُ وَأَهْلَهُ وَالمُسْلمينَ الأَوْبِئَةَ وَالمَصائِبَ وَالمُلمَّاتِ، فَإِنَّ الدُّعاءَ أَفْضَلُ مَا يُدْفَعُ بِهِ البَلاءُ، وَلِهذا كَانَ مِنْ دُعاءِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ». وَكانَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسنَ وَالحُسينَ رَضِيَ اللهُ عَنهما بِقَولِهِ: «أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ». [أخرجهما أحمد بسند صحيح].
أَلَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمُ الكَرِيمِ الَّذِي أَمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ: ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ [الأحزاب:56].
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الأَئِمَّةِ المَهْدِيِّينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تُوَفِّقَنَا جَمِيعاً لِاغْتِنَامِ الأَوْقَاتِ بِالطَّاعَاتِ، وَأَنْ تَحْمِيَنَا مِنْ فِعْلِ الْـمُنْكَرِ وَالسَّيِّئَاتِ، اللَّهمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِهُدَاكَ، وَاجَعَلْ أعْمَالَهُ فِي رِضَاكَ، وأَلْبِسْهُ ثَوبَ الصِّحَّةِ وَالعَافِيةِ، وَمُنَّ عَلَيهِ بِدَوامِ الشِّفَاءِ، وَرُدَّهُ إِلى وَطَنِهِ وَأَبْنَائِهِ بِتَمامِ الصِّحَّةِ وَكَمالِ العَافِيَةِ، اللَّهمَّ وَوَفِّقْ وَلِيَّ عَهْدِهِ الأَمِينَ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِناصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنّاً سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.